مما لا شك فيه أن أساس تقدم الأمم والشعوب هو بناء الإنسان صحياً وتعليمياً ودينياً وثقافياً وعلى جميع المستويات, حيث ثبتت العديد من تجارب الدول الناجحة أن الإنسان ثروة حقيقية, وأن الاستثمار فى العنصر البشري له مردود ونتائج كبيرة . فالإنسان هو القادر على بناء المشاريع الضخمة، وهو العقل المفكر الذي يقف خلف بناء الجسور والمباني والمنشآت وتخطيط المدن، وهو العنصر الذي يمتلك الإمكانيات لتحويل الرؤى من مخططات إلى حقائق، وهو من بيده الدفاع عن الوطن وحماية مكتسباته ، فعلى رغم التنمية والازدهار ووجود الثروات المتنوعة في الدولة، إلا أن الإنسان يبقى أهم ثروة يفتخر بها الوطن، ولأجله تم تسخير الثروات وعائداتها، وبه تستمر مسيرة الرخاء والعيش الكريم والتقدم وجودة الحياة في مختلف المجالات.
بناء واستثمار الإنسان تكون بدايته عادة من الأسرة و المدرسة التي تزرع فيه الأخلاق والقيم , واحترام القانون وحب الوطن وتقدديس العمل, وتأكيد القيم الدينية ، وكذلك رفع وعي الإنسان وفهمه. وأن التعليم الجيد سينتج أجيالاً تساهم فى نهضة الدول, وهو ما يفسر تحصيص الدول المتقدمة لميزانيات ضخمة لتطوير التعليم وهيكلته, لأن التعليم فى الدول المتقدمة ليس أداة لصناعة مستقبل فرد , بل التعليم قاعدة بناء مستقبل أمة, فإذا وضعت جيلاً على الطريق الصحيح فأنت وضعت بذلك وطناً على الطريق الصحيح.
إن بناء الإنسان المصري يبدأ من كل المؤسسات التى تساهم في بناء العقل والروح والثقة للإنسان المصري، وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات، وكل ما هو شريك في تكوين مضمون الإنسان وصياغة عقله ووجدانه وقيمه، إلى أن يكون حصاد كل هذه المكونات هو “إنسان مصري ”
بناء الإنسان، كان على رأس أولويات الدولة المصرية، في عهد الرئيس السيسي، واستندت الجمهورية الجديدة على ثلاثة مبادئ أساسية يأتي على راسها بناء الإنسان، بهدف التغيير في أوضاع المعيشة والحياة لتعزيز دوره كمواطن يقوم بواجباته السياسية، والاجتماعية والاقتصادية وذلك في ظل التطلع للتغيير في الأفكار والسلوكيات ونظم الادارة، وسبل الحياة.
الا أننا نفتقر الى وجود استراتيجية محددة لبناء الإنسان, فسوف يكون فكر بناء الإنسان المصرى كيفياً وليس كمياً، وبالتالى سيصعب قياسه بالأرقام، ومتابعة مدى الوصول إلى الأهداف المنشودة. المشكلة الأكبر قد تكون ليس فقط غياب الاستراتيجية، وإنما غياب صياغة الأهداف، حتى وإن كانت تكتيكية.
هل تولي الحكومة أهمية لبناء الإنسان المصري
أولي الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتماماً كبيراً في تنمية الإنسان المصري، حيث أكد أن مصر الجديدة تولي أهمية قصوى لبناء الإنسان صحياً وعلمياً وثقافياً، وذلك بدءا من تطوير التعليم والمنظومة التعليمية في مصر وقد أعلن في عام 2019 أنه عام للتعليم في مصر، إيمانًا منه بأن العلم والتعليم، هما أساس النهوض بالمجتمع والعمل على تنميته، بهدف تنشئة العقل المفكر المستنير، المستعد لقبول العلم والمعرفة، والذي يتحلى بمهارات الفهم والتطبيق والتحليل، لضمان تعليم جيد يرتبط ارتباطا وثيقا بمتطلبات سوق العمل والمجتمع وسوق العمل,
وكذلك اطلاق العديد من المبادرات التعليمية بينها إطلاق “بنك المعرفة” والاتجاه نحو التحول الرقمى فى كافة المجالات.
وكذلك تم اطلاق العديد من المبادرات التى تهدف الى حماية الأفراد الأكثر فقرًا والحفاظ على صحة المواطن المصري، وكان على رأسهم مبادرة حياة كريمة ومبادرة 100 مليون صحة والتوسع في برامج الائتمان الاجتماعي ببرنامج تكافل وكرامة وبرامج تطوير العشوائيات وتوفير السكن الاجتماعي للشباب
مبادرة حياة كريمة تعد واحدة من أهم الخطوات التى اتخذتها الدولة المصرية لتستهدف تحسين جودة حياة المواطن المصري ومواجهة الفقر متعدد الأبعاد مع توفير حياة كريمة تتسم بالاستدامة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً , بما يكفل سد الفجوات التنموية بين المراكز والقرى والاستثمار فى تنمية الإنسان المصري ومن ثم يمكن تحديد أهداف المبادرة فى أربعة أهداف استراتيجية هى : بناء الانسان , وتحسين جودة حياة المواطنيين , وتحسين مستوى معيشة المواطنيين الأكثر احتياجاً , وتوفير فرص عمل لائقة ومنتجة بالاعتماد على التكامل والتشارك بين الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وشركاء التنمية.
ولكن هناك المزيد من الخطوات التى يجب على الدولة اتخذها لإعادة بناء الإنسان المصري والتى تتمثل في : العمل على إعادة الإبداع وانتشار الثقافة ودور السينما والمسارح في الأقاليم، ورعاية الموهوبين والاستماع إلى إبداعات الشباب ومشاركتهم بشكل حقيقي في القيادة السياسية، حيث إن الشباب أصبح شريكًا أساسيًا وفاعلًا في قيادة الحاضر، مطالبة بزيادة نسبة المرأة والشباب في المحليات”.
هل للشباب دور فى بناء مصر
الاهتمام بالشباب يعد ركيزة أساسية في خطة الجمهورية الجديدة واستراتيجيتها لبناء الإنسان المصري، وتولي مصر أهمية قصوى لدور الشباب في مختلف المجالات , لأن الشباب هو الفاعل الأول فى عملية التنمية, وبناءً عليه فإن نجاح التنمية مرهون بانخراط الشباب بکل انتماءاتهم وشرائحهم، وأن أي تهميش أو إغفال لهذه القوة الجديدة الفاعلة في حاضر التنمية هو انتکاسة في مستقبلها.
اتخذت الدولة المصرية العديد من الخطوات لتنمية مهارات الشباب من أهمها إنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب بموجب قرار جمهورى أصدره الرئيس السيسى فى أغسطس 2017، لتوسع دائرة تدريب الشباب واكتشاف قدراتهم، وتم تدشين البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة. وكما قامت الدولة المصرية بعقد مؤتمرات الشباب الدولية للتعرف على المهارات والخبرات المختلفة لجميع دول العالم كان لها دور بارز فى الانفتاح على طرق الإدارة الحديثة فى العالم، وكل هذه التحركات أسهمت فى تجهيز قيادات على مستوى الصفوف الأول والثانى والثالث فى الوزارات المختلفة واستطاعت مواجهة الخلل الذى تعرضت له الأجهزة الحكومية طوال السنوات الماضية.
نجحت الجمهورية الجديدة لبناء الإنسان المصرى فى خلق جيل جديد قادر على القيادة وفقاً للمتغيرات العصرية الحديثة، وذلك بفعل الاهتمام بالهيئات والمؤسسات والمراكز التى تقوم بهذا الدور، وتركز بالأساس على تنمية مهارات الشباب فى مجالات مختلفة، بما يسهم فى تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة فى 2030.
هل هناك خارطة طريق لخلق جيل قادر على الابتكار
إن الرئيس السيسي شدد على أن الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي والابتكار، باعتبارهم أهم أولويات الدولة، وظهر ذلك من خلال حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على لقاء شباب المبتكرين الموهوبين، للاستماع إلى أفكارهم ومشكلاتهم وتقديم أفضل السبل لدعمهم، وهي الأفكار التي تم ترجمتها إلى إطلاق مبادرة نحو مجتمع يتعلم ويفكر ويبتكر، ثم إطلاق بنك المعرفة المصري، مع إعادة تقليد الاحتفال بعيد العلم، بالإضافة إلى زيادة المخصصات المالية الموجهة إلى التعليم العالي والبحث العلمي، والتوسع في إنشاء الجامعات الجديدة الإقليمية والدولية والخاصة والتكنولوجية، ودعم الدولة لإنشاء مراكز للتميز العلمي ومكاتب نقل وتوطين التكنولوجيا.
فى النهاية
عملية بناء الإنسان المصري, ليست قضية سهلة , بل تحتاج الى تطوير وإصلاح شامل لمنظومة التعليم والصحة والثقافة , وهو ما يتطلب زيادة المخصصات المالية فى الموازنة العامة للدولة لقطاعي التعليم والصحة , وكذلك توفير المناخ الملائم لبناء الإنسان المصري مادياً ومعنوياً بما يشمله ذلك من تطوير كامل فى البيئة الاجتماعية والمناخ الثقافي.
ومن المؤكد أن بناء الإنسان المصري و بناء الشخصية المصرية ليست فقط مسؤلية الحكومة وإنما هي واجب وطني في عنق كل المصريين من اصحاب الفكر و الرؤية و العلم تعبيرا عن حب الوطن و الإخلاص له لتبقى مصر خالدة قوية جيلاً بعد جيل.

مشـــاركة علي :

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *